*مشهد الدموع أصبح من المشاهد اليومية المألوفة في مختلف المواقع التي تقام فيها منافسات الألعاب الأولمبية التي اقتربت كثيرا من لحظة إسدال الستار عليها وعلى منافساتها التي لم يعد يفصلنا عنها سوى عدة أيام هي أقرب لساعات ومن ثم ينفضّ سامر الأولمبياد الذي قد يظل حديث الناس في الكثير من الدول التي نجح رياضيوها في العودة بذهب بكين وبدموع الفرح الذي كان ينتظر الأبطال في دولهم.
في الوقت الذي لم يجد آخرون سوى دموع الأسى والحزن على ضياع فرصة قد يعتبرها البعض أمرا عاديا بينما يرى آخرون أن دموع الخسارة مهما كان حجمها لا يوازي ولا يمكن له بأي حال من الأحوال أن يرد القليل من فضل الوطن الذي جاء من أجله كل رياضيي العالم إلى بكين من أجل تشريفه ورفع رايته التي تعتبر هدف كل رياضي في مختلف بقاع الدنيا.
* وبين لحظة الفوز والتتويج وبين لحظات الخسارة والأسى تبقى الدموع عاملا مشتركا في الرياضة وأن اختلفت في مضمونها، فشتان الفارق بين دموع الفرح والنجاح في لحظات التتويج التي يشعر من خلالها الرياضي بالفخر والاعتزاز بنفسه وببلده أمام العالم أجمع، وبين مضمون الدموع التي تأتي حرقة نتيجة للإخفاق والفشل، ومع ذلك تبقى تلك الدموع أيّا كان نوعها هي عنوان للنجاح والفشل معا، وإذا كانت دمعة الفرح لها مذاقها وطعمها الجميل.
فإن حرارة الدموع الحزينة هي الطريق والبوابة التي تؤدي إلى تذوق طعم دموع الفرح بشرط أن نشعر بمرارة الهزيمة التي من خلالها تتولد الإرادة لقهر المستحيل الذي لا مكان له في الرياضة مهما كانت الفوارق ومهما كان للتاريخ والجغرافيا كلمة، تبقى الكلمة العليا للإرادة التي تصنع المعجزات في زمن اختفت فيه المعجزات إلا في الرياضة.
*إن المشهد الذي كان غالبا في مختلف منافسات الألعاب الأولمبية تلك اللحظات التي يصل فيها اللاعب للحظة التتويج والتكريم، والتي تأتي تثميناً لعطائه وتضحياته وتكبده الكثير من المعاناة من أجل الوصول إلى ذلك الهدف السامي المتمثل في تشريف الوطن، ولأن في مثل تلك اللحظات يصعب فيها التعبير تكون الدموع خير تعبير وأبلغ من أي كلام.. ودموع بكين كانت تتحدث عن نفسها وعن إنجازات أصحابها.
كلمة أخيرة
* الصينيون الذين استقبلوا بالدموع خبر تنظيمهم للأولمبياد قبل خمس سنوات، وعندما حان موعد الافتتاح وأصبح الحلم واقعا تعاملوا مع تلك اللحظات التي أبهروا من خلالها العالم بالدموع التي لم يجدوا غيرها كي يعبروا عما يدور في خاطرهم، وكما استقبل الصينيون رياضيي العالم بالدموع.. ها هم يودعونهم بالدموع بعد أن حانت لحظة الوداع.